دور الاسرة فى تكوين المجتمع

 تُعتبر الوظائف الجوهرية والمتعددة التي تُناط بالأسرة ثابتةً وإن اختلفت مسمّياتها من باحث إلى آخر، وإن انتقلت من السعة إلى الضيق ومن التعدد إلى الانكماش بسبب التطورات الاجتماعية التي تطرأ على المجتمع، ويُشار إلى أنّ الأسرة الحديثة سُلبت بعضٌ من وظائفها؛ كالوظيفة الإنتاجية التي انتقلت إلى المصنع والوظيفة التعليمية التي انتقلت إلى المدرسة، لكنّ ذلك لم يجعل الأسرة تخرج عن وظائفها الأساسية، فعلى الرغم من ذلك حافظت الأسرة على وظائفها والتي يُمكن اختصارها بالنقاط الآتية:-

  • الوظيفة البيولوجية - وظيفة الإنجاب :-   والتي تضمن للمجتمع نموه واستمراره وتزويده بالأفراد الجدد، فالأسرة هي المكان الطبيعي لإنجاب الأطفال بالصورة التي يُقرّها المجتمع وهو ما يُمكن أن يُسمّى بحفظ النوع الإنساني.
  • إشباع الحاجات الأساسية :-  وتكون إمّا لاستقرار الحياة نفسها وهي الحاجات الفسيولوجية مثل الحاجة إلى الغذاء، والملبس، والمسكن، والرعاية الصحية، أو لعيش حياة بأسلوب أفضل بإشباع الحاجات النفسية والمعنوية، مثل: الحاجة إلى شعور الفرد بالأمان، وأنه شخص محبوب ومقبول من الآخرين، كما أنّه في حاجة إلى الشعور بالانتماء إلى جماعة تمنحه الثقة والتجاوب.
  • الوظيفة الاقتصادية:-  تُشارك الأسرة عن طريق أفرادها في عمليات الإنتاج الكلي في المجتمع، حيث أصبح الأبناء والزوجات يُشاركون في العمل وزيادة دخل الأسرة، كما أصبح للمرأة دور بارز في اتخاذ القرارات الاقتصادية المتعلقة بالشراء وفي ضبط ميزانية الأسرة.
  • الوظيفة التربوية:-   تُعتبر الأسرة البيئة الاجتماعية الأولى التي يبدأ فيها الطفل بتكوين ذاته والتعرف على نفسه عن طريق التفاعل مع أعضائها الذين ينقلون إليه ثقافة المجتمع، وبالرغم من انتقال جزء من وظيفة التربية والتعليم إلى مؤسسات نظامية في المجتمع تخضع لتخطيط وتنفيذ برامج موحّدة مثل المدرسة، إلّا أنّه ما زال للأسرة تأثيرات على التعليم والتنشئة الاجتماعية وخاصة تأثيرها كنظام تُعنى به المجتمعات الحديثة في تربية النشء وتوجيه الشباب، بالإضافة إلى أثر ثقافة الوالدين وإشرافهما المباشر وتعاونهما مع المدرسة وتفهمهما لأصول التربية في بناء شخصية الأبناء.
  • الوظيفة الدينية والأخلاقية:-  تُعتبر الأسرة البيئة الأساسية التي يتمّ فيها غرس المعتقدات الدينية والطقوس والشعائر المختلفة والمبادئ الأخلاقية لدى أفرادها.
  • الوظيفة الثقافية:-  تتمثّل الوظيفة الثقافية للأسرة في نقل التراث الحضاري، حيث تظلّ الأسرة المجال الذي يتعلّم فيه الطفل الأساليب العامّة للحياة والأعراف والأنماط السلوكية السائدة في المجتمع، وكلّما كانت الأسرة متعلمةً ساعدتها خبرتها ووعيها وعلمها على تحقيق هذه الوظيفة الثقافية بشكل متكامل حيث تنتقي الطيب من التراث وتنقله، ولا تنقل البالي والضار من التراث مثل الثأر والسحر وغير ذلك من الأمور.
  • الوظيفة النفسية:-  وهي الوظيفة التي تبث في أفراد الأسرة الراحة النفسية والإحساس بالأمان والاستقرار الاجتماعي بالتالي يُصبحون ذوي شخصيات مُتّزنة، وذلك من خلال إعطاء الأبناء الاحترام والتقدير وتنمية الثقة بالنفس في داخلهم، كما تُعزّز من قيمتهم داخل الأسرة ممّا يجعلهم أشخاصاً ناجحين متفوقين، وتُعتبر مرحلة المراهقة من أهم المراحل التي يتمّ فيها إرساء قواعد البناء النفسي والوجداني، وللآباء في هذه المرحلة الأثرالأكبر في تشكيل تلك النفسية من خلال توجيهاتهم وأساليبهم في التواصل مع أبنائهم، كما يُمكن للأسرة أن تُكسب أبناءها الشخصية السوية وذلك عندما يُحاطون بجوٍّ من الثقة والاهتمام والحب داخل الأسرة. 
  • الوظيفة الإبداعية:-  يُقصد بذلك قيام الأسرة بتكوين الذوق الجمالي للطفل، وتنمية الحس الإبداعي لديه، فالطفل الذي يعيش في أسرة ذات منزل مرتب متناسق نظيف يتعلّم تقدير الجمال، وإدراك التناسق والتناغم، وينشأ مُحبّاً للنظام والترتيب، على خلاف الطفل الذي يعيش في منزل تسوده الفوضى ويعمّه الاضطراب، فمثل هذا المنزل ينعكس في سلوك الطفل قلقاً وعدم استقرار، وفقدان تركيز، وسوء اتزان.
  •  الوظيفة العاطفية:-  ويُقصد بها التفاعل المتعمّق بين جميع أفراد الأسرة في ظلّ مشاعر العاطفة بين الوالدين والأطفال، عندما يعملون جميعاً من أجل مصلحة الحياة الأسرية، وحفاظاً على كيانها ووحدتها، وهذه الوظيفة تُحدّد الملامح الرئيسية المميزة للأسرة الحديثة.
  • وظيفة الحماية:-   تحمي الأسرة أفرادها من الاعتداءات الخارجية التي قد تقع عليهم من الأسر الأخرى في المجتمع المحلي، كما أنّها تحميهم جميعاً وتُزوّدهم بكلّ ما يحتاجونه من عون مادي ومعنوي، بل أنّ حماية الأسرة لأفرادها تمتد حتّى بعد زواجهم وانفصالهم عن الأسرة الأصلية، وتتمثّل هذه الحماية في تقديم الدعم المالي والمعنوي